الجمعة، 13 يوليو 2012

نفس الإحساس



-         إنتَ إزاي بتحب المزيكا كدا؟
-         سؤالك غلط .. السؤال هو إزاي أنا بحبك كدا؟
(تبتسم هي)
-         معرفش
-         ولا عمر حد هيعرف من أول سيدنا آدم لآخر الخليقة
يأتي صوت أغنية وجيه عزيز من كاسيت السيارة متحديا حر الصيف ومشاكل الحياة اليومية التي لا تتوقف عن ملاحقتهما:
عندي نفس الاحساس عندك
إيدي دايما بتسابق ودك
بسأل نفسي أسمع ردك
وأتكلم تنطقني في قلبك
أوعي تفكرني بصدك
عندي نفس الاحساس عندك
-         تشربي عصير مانجة؟
-         ياريت
يدير السيارة ويبحث عن أول U turn ليقف أمام فرغلي ليشربا العصير دون أن يترجلا من السيارة، لا يريد أن تضيع حالة النشوي التي يشعران بها، فهما كاثنين شربا دون أن يسكرا .. وإنما انتابتهما حالة غريبة من الشعور أنهما ليسا علي الأرض، إنما يحلقان سويا في فضاءات واسعة وبعيدة عن هذا العالم
-         عارفة كان نفسي أطلع عازف عود
-         وحصل ايه؟
-         أنا بس اكتشفت الموضوع ده متأخر، أنا لما بسمع عود بتووه عن الدنيا
-         عارف، بحس إنك سميع هاااااايل وممتااااااز
-         أنا كمان بحس كده، أصل مش كل حاجة نفسي فيها هتحصل يعني ولا كل حاجة نفسي فيها لازم أبقي شاطر فيها.
-         إنت شاطر أووووي في الكتابة وفـ سماع المزيكا .. ركز في دول وإنت هتتألق
يصمتان، فتتحدث الأغنية:
عاشق للكون فـ هواكي
وراسم أحلام وياكي
وأسأل عن قلبي معاكي
وأسكت لما أسمع ردك
**
أوعي تفكرني بصدك
عندي نفس الاحساس عندك
يقتحم أحدهم هذه الخلوة بالتخبيط علي شباك السيارة، يفتح الشباك فيجد بائع مناديل فيعطيه جنيها ليسكته، وهو يعرف جيدا أنه نصاب وفي العادي يقاوم ولا يعطيه جنيها ولا حتي نصف جنيه، ولكن بعض الأوقات لا تحتمل المناهدة معهم، يغلق الشباك.
-         الناس دي بتحيرني علي فكرة
-         بيصعبوا عليك؟
-         أحيانا .. وأحيانا ببقي عارف إنهم ولاد كلب حرامية .. يعني في الآخر برجع ألوم ع النظام الليي بهدل الشعب كله، أينعم الناس عليها جزء من العتاب، بس لما تبصلها من زاوية أكبر بتحسي إنهم مجبرين علي ده ..هي دايرة كدا عمالين نلف فيها .. أنا زهقت
-         صلي ع النبي كدا وقولي طيب بتعرف منين يعني إن كانوا محتاجين ولا ولاد كلب
-         دي بقي ونظرة كل واحد ومدي فهمه للحياة، خبرتك فـ الدنيا بتخليكي مع الوقت يبقي عندك بصيرة وفهم للي أودامك، طبعا دي نعمة من عند ربنا مش كل الناس بتبقي كدا، وأنا بحمد ربنا علي نعمته
-         عارف بحس إنك الكبير اللي فاهم كل حاجة واللي بيعلمني الدنيا دي بيعيشوها إزاي
(ينظران لبعضها ويبتسمان)
جايز بتاخدني حبيبة
وأشعر وكأني فـ غيبة
وأرجع من تاني غريبة
أنا تاني بعيد عن قلبك
-         عارفة بحس إننا شبه عصير الكوكتيل، زي الفاكهة كدا كل واحدة منها ليها طعمها ولونها وريحتها، بس لما بيتضربوا سوا في خلاط واحد بيطلعوا طعم جميل وممتع .. أنا وإنتِ كدا .. كل واحد بصفاته وطباعه وشكله وأسلوبه في الحياة لما بنبقي سوا بيبقي طعمنا حلو أوي

قادر أنا أعمل زيك
وأستغني عن جنة ضيك
وإن جاني الشوق من حيك
هتدور وأتجاهل ودك

الأربعاء، 11 يوليو 2012

كنبتي حبيبتي



كنبتي العزيزة أحبك كثيرا ولا تعرفين ما تعنيه بالنسبة لي .. فأنت الشيء الوحيد المتبقي لي حتي الآن .. ربما قبل أن تأتي لم تعرفي ما مررت به من حيث مكان النوم فدعيني أحكي لكي قليلا:
تغير مكان نومي في المنزل تغيرات عديدة .. شأني شأن معظم الشباب الذين ليس في بيتهم سوي غرفتين ولديه أخت واحدة.
حكم علي منذ زمن بعيد أن انام في الخارج، حيث احتلت اختي الغرفة التي كانت مشتركة بيننا في أحد الأيام بقرار رئاسي من والدتي وكان القرار كالآتي: "انت هتسيب الأوضة لأختك وهنعملك سرير برة تنام عليه في الصالة الصغيرة" .. وافقت ليس لأن الأمر أعجبني ولكن لأنه ليست هناك خيارات أخري .. أتت أمي بالنجار وجاء ليأخذ المقاسات وليتفق علي أجره:
-          بصي يا مدام احنا هنعمله قصير شوية عشان لو اتقلب ولا حاجة ووقع ع السيراميك ده هيتعور
-          لا اعمله انت بس زي ما قلتلك عليه ما تقلقش هو مش بيتقلب ومش هيقع
كرهت هذا النجار بشدة، فكان بالنسبة لي هو من يجهز لطردي خارج الغرفة التي عشت فيها سنوات عديدة ..غرفتي التي احتلتها أختي الصغري .. مكتب لونه أبيض وحوافه وردية اللون به ثلاثة أدراج وفوق المكتب مكتبة للقصص والكتب والمساطر والأقلام والوراق .. أتذكر أني كنت أذاكر علي المكتب، أي أنني كنت أكتب علي المكتب نفسه وكانت امي تنهرني بحجة توسيخه، ولكني كنت أحب أن أكتب عليه من حين لآخر .. واليوم الذي قررت فيه أن أرسم علي المكتب قررت أن أرسم فيلا ولكن عندما انتهيت من الرسمة اكتشتف أنه "حمار" وليس فيل.
أعرف أني فاشل في الرسم منذ زمن بعيد، لدرجة أن أمي أتت لي بمدرس خصوصي في الرسم وليس في الرياضيات ولا في العلوم مثلا (تخيلوا وصلت لدرجة ايه) فكلما حاولت أن أرسم أتلقي صدمة عنيفة، فعندما أحاول رسم بطة ينتهي الأمر بخنفسة وعندما احاول رسم حصان ينتهي بكلب بلدي .. توقفت عن الرسم نهائيا وقررت أني لن أقترب من الألوان مرة أخري .. رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه.
انتهي النجار من عمل السرير وتم تركيبه في الصالة الصغيرة ..نمت علي هذا السرير عدة سنوات رغم المعاناة التي كنت أعيش فيها، فالتليفزيون ملتصق بظهر السرير وأبي لا يغلقه طوال اليوم، بالاضافة إلي عدم الخصوصة التي كنت أعيش فيها، فكل أموري مباحة للجميع، لا أستطيع أن أختلي بنفسي ولو بضع دقائق .. بعد فترة طلبت من أمي عمل ستارة لتحجبني عن أعين بقية المنزل: "يا ماما والنبي عايز أحس إني قاعد في أوضتي مش في الشارع" ..استجابت أمي لمطلبي لأنها تعرف كم أعاني وكم تعني الخصوصية بالنسبة لي.
مرت عدة سنوات وانفصل أبي وأمي عن بعضهما البعض وعانيت كثيرا من الناحية النفسية حيث أن أبي اتهمني أني السبب ورا هذا الطلاق بالإضافة للمشاكل التي نشبت بيننا وطالت كثيرا. بعد الطلاق بشهرين عدت للمنزل فلم أجد سريري:
-          يا مامااااااااااااااااااااااااا فين السرير
-          عندي في الأوضة
-          بيعمل ايه عندك
-          منا بعت السرير بتاعي القديم وخدت ده أنام عليه
-          ما اعترضتش بس أنا هنام علي ايه L
-          هحطلك مرتبة مكان السرير تنام عليها
-          يعني عشان تمحي الذكريات تنميني ع الأرض
-          امشي ياد من هنا
انتهي الأمر بمرتبة علي الأرض .. تضايقت بعض الشيء ولكنني لم أعترض فالأمر قد تم وبالطبع لن أترك أمي لتنام علي الأرض ولم يكن غير أن أنام أنا علي المرتبة .. نمت علي المرتبة عدة أشهر لأعود في أحد الأيام مبتسما وسعيدا للغاية حيث أنني وجدت عملا جديدا بعد فترة من اللاعمل، وعندما أدخل المنزل أصرخ قائلا:
-          يا ماااااااااااااااااااااااا فين المرتبة :'(
-          لا منا شلتها
-          يا اما هو في حد كان بينيمك ع السلم وإنتِ صغيرة وبتطلعيه عليا، شلتيها ليه؟؟؟؟
-          كده هنجيب كنبتين جداد ومش هيبقي ليهم مكان فشلتها
-          طب وأما تشيليها أنام أنا فين
-          نام ع الكنبة عادي
أنام الآن علي الكنبة .. لا أعرف متي سأنام علي السجادة ولكنه أمر حتمي مع هذا التطور الطبيعي .. الكنبة هي كل ما أمتلك من حطام الدنيا .. آكل عليها وأجلس عليها وأنام عليها وأكتب قصائدي وقصصي عليها .. كنبتي العزيزة وربنا بحبك


الاثنين، 9 يوليو 2012

عن الحواديت


أستيقظ متأخرا فأقرر عدم الذهاب إلي العمل .. قرار مثل هذا قد ينبع عن شجاعة أو تهور، وفي حالتي كان تهورا تاما، فأنا لن أذهب اليوم إلي العمل ولن أكذب أيضا، لن أقول للمدير أني مريض، ولن أٌقول له أن سيارة صدمتني وأنا في طريقي للعمل، سأقول ببساطة أني استيقظت متأخرا ولم آتي للعمل وليحدث ما يحدث.
أحيانا تنتابني هذه اللحظات من اللامبالاة التامة لعواقب ما أفعله، لا أبالي حينها بمدي خطورة الموقف ومدي ما سيترتب عليه، أفعل فقط ما تمليه علي رأسي.
تسألني أمي عن سبب وجودي في المنزل فأقول لها أني لم أذهب اليوم وأني سأخرج وحدي قليلا، ثم تبدأ وصلة من الأسئلة من قبيل "وتخرج لوحدك ليه؟ هو في حاجة إنت مخبيها عني؟ هو إن خارج تعمل ايه؟" والتي غالبا ما تنتهي بشجار لأنها لا تقتنع أن الأمر بسيط وأني فعلا أريد أن أكون بمفردي قليلا. أتأكد أن كل شيء معي وأني لم أنسي شيئا؛ مفاتيح السيارة، السلسلة التي بها صورة أمي، الرواية التي أقرأها، شنطة اللابتوب.
تتملكني رغمة عارمة في الكتابة هذا الصباح، لدرجة أني تهورت وفكرت أني سأبدأ بكتابة رواية، ولكني لم أعرف تحديدا عما ستكون الرواية، أنا لا أجيد كتابة الروايات علي أية حال، أو هكذا أظن بنفسي وأؤمن كثيرا بهذه الجملة "رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه"، فأنا أجيد الشعر والقصص القصيرة أو كما أحب أن أسميها "الحواديت"، فلماذا أقحم نفسي في عالم الكتابات الطويلة الذي يتسهويني ولا أستهويه؟ .. حسنا فليبقي كل في موقعه.
أتسائل لماذا أصمت عندما يقول لي أحدهم "احكي لي حدوتة"
فأرد قائلا: "أنا ما بعرفش أحكي حواديت"
فيقول: "أومال بتكتب ازاي شعر وقصص؟"
فأقول: أنا يمكن آه بعرف أكتب بس وأنا بكتب ممكن أقف أفكر شوية أعيد صياغة حاجة بشكل معين، أسيب الحاجة يومين وأرجعلها تاني بس مبعرفش أحكي حدوتة ارتجال كدا"
فيرد السائل: "أومال هتعمل ايه مع بنتك أو ابنك لما يقولك احكيلي حدوتة"
يصدمني السؤال، أولادي!!! .. لا أستطيع أن أقتنع بفكرة أنه سيكون لدي أولاد في يوم من الأيام، ماذا سأفعل بهم أصلا؟ سآتي بهم لحياة لا تستحق أن تعاش كي يعانوا ويمرضوا ويبكوا .، أخاف أصلا أن آتي بهم، أنا أجيد تحمل مسئولية نفسي جيدا، فإذا مرت علي أيام ولم يكن في جيبي غير خمسة جنيهات لن أموت وأستطيع أن أتصرف، لكن ماذا لو عندي أولاد؟ هل سأتركهم يموتون أمامي جوعا؟ لا لا أنا أخاف من هذه الفكرة، بل ترعبني.
أحاول أن أتجاوز التفكير في هذا الأمر .. أدير السيارة وأنطلق حتي أذهب لسيلنترو .. دائما ما تشغل بالي فكرة أن أجلس في المقهي المفضل ثم تلمح عيني فجأة فتاة فائقة الجمال، وأذهب لأخبرها كم هي جميلة .. ثم تأخذنا الأقدار حيثما تشاء بعد ذلك، قد تبدو فكرة خيالية ولكني أستمتع بمجرد التفكير فيها وكل شيء وارد في النهاية.
أدخل المقهي وأفتح اللابتوب وأطلب من النادل أن يحضر لي كوب شوكولاتة ساخن مع قطعة كيك .. لم أحسم أمري بعد عما سأكتبه، ربما سأكتب عن مشكلتي مع أمي، أو مع أبي، ربما سأكتب عن أناس لم أرهم من قبل، وربما عنها، أو عنها الأخري، أو عنهن الأخريات .. أنا فقط سأكتب أول شيء يتبادر إلي ذهني وليأخذني الكلام إلي حيث يشاء بعد ذلك.
فما أكتبه يقذفه الله بين يدي دون أن أعرف من أين أتي ومتي أتي ..

الأحد، 8 يوليو 2012

الإدمان (ما تتسرعش وتفترض الموضوع من العنوان اقرأ الأول)



لا إنتو فهمتوني غلط .. أنا مش قصدي إدمان المخدرات خالص، ده موضوع اتهرس واتعمل في ميت فيلم عربي واتكتب عنه مليون مقال وأبحاث وأنا مش هضيف فيه جديد الحقيقة .. أنا هتكلم عن نوع تاني من الادمان .. ما هي كل حاجة في الدنيا أصلها أنواع، كل حاجة في منها حاجتين تلاتة متفرعين منها ويمكن أكتر، وكل موضوع بيتشعب منه مواضيع تانية كتير.

الإدمان اللي بتكلم فيه هو إدمان الأشياء بشكل عام. ربنا خلقنا أحرار ودي حقيقة مسلم بيها، كون إن زمان كان في رِق واستعباد للسود وإن دي كانت عادة عند العرب زمان ده موضوع تاني وكون إن كان في ناس ممكن تشتري عبد معين وبعدين تعتقه لوجه الله دي برضه قصة تانية لأن هنا حريتك مش بإيدك، إنتَ في ناس تانية متحكمة في مصيرك، إنما المشكلة الكبيرة لما إنتَ تصنع آلهة وتبعبدها، طبعا مش قصدي تعبدها يعني تصليلها وكدا والعياذ بالله، أقصد إن إنتَ اللي من كتر تعلقك بحاجة وإدمانك ليها بتبقي مش قادر تستغني عنها وأكنك أصبحت عبد ليها.


المثال اللي حاضر في راسي دلوقتي حاجتين: السجاير والنسكافيه .. أنا شخصيا مش بشرب السجاير لسبب غريب شوية وهو عشان مش عايز أدمن حاجة أو حاجة تتحكم فيا، مش عايز لما أتنرفز أجري أولع سيجارة، أحسنلي يت مرة أروح أتوضي وأصلي ركعتين، مش عايز حاجة تجبرني أعملها لمجرد إني محتاجها ولو معملتهاش مش هعرف أعيش، وكذلك النسكافيه، فضلت مدمن عليه فترة طويلة ووصلت لمرحلة اني لو ما شربتش كوبايتين في اليوم علي الأقل أصدع وأتعب ومعرفش أشتغل ولا أركز، كرهت نفسي وكبرت فـ دماغي إزاي حاجة أيا كانت تتحكم فيا؟ إزاي مش قادر أسيطر علي نفسي وسايبها هي اللي تمشيني .. خدت قرار إني مش هشرب نسكافيه لمدة أسبوع ويجرَي اللي يجرَي. وقد تم، أول يومين تلاتة صدع ومش بنام كويس وبروح الشغل مش مركز وش طايق حد ولا أكني كنت بضرب ترامادول مش نسكافيه .. بعد تالت يوم بدأت الأمور تهدي شوية لحد ما خلاص مبقتش تفرق معايا أشرب ولا لأ، وما بقتش أشرب إلا لما يجيلي مزاج.


هو ده اللي أقصده .. إنك ما تسبش حاجة تتحكم فيك، ما تخلقش إله بإيدك وتعبده وتقول أصله مش بإيدي ومش قادر .. للأسف أحب أصدمك وأقولك: لأ إنت قادر .. الفكرة بس إنك مش بتحاول أو مش عايز تحاول. حاولت مثلا وفشلت؟ ايه الأزمة وهو مين أصلا نجح من أول مرة؟ علي فكرة إنت ربنا أصلا خالقك عشان تحاول مش عشان تنجح .. بمعني إن النجاح أو الفشل مش بإيدك، بإيد ربنا بس .. طب إنت ايه اللي في إيدك؟ إنت في إيدك إنك تحاول، تحاول وتفشل وتحاول وتفشل وتحاول وتفشل، لحد ما تنجح حتي لو نجحت في آخر يوم في عمرك، المهم إنك طالما بتحاول يبقي أكيد هتنجح عشان "لكل مجتهد نصيب" ..


المهم ما تخليش حاجة تتحكم فيك ..


وحاول ..


بس..