الأربعاء، 11 يوليو 2012

كنبتي حبيبتي



كنبتي العزيزة أحبك كثيرا ولا تعرفين ما تعنيه بالنسبة لي .. فأنت الشيء الوحيد المتبقي لي حتي الآن .. ربما قبل أن تأتي لم تعرفي ما مررت به من حيث مكان النوم فدعيني أحكي لكي قليلا:
تغير مكان نومي في المنزل تغيرات عديدة .. شأني شأن معظم الشباب الذين ليس في بيتهم سوي غرفتين ولديه أخت واحدة.
حكم علي منذ زمن بعيد أن انام في الخارج، حيث احتلت اختي الغرفة التي كانت مشتركة بيننا في أحد الأيام بقرار رئاسي من والدتي وكان القرار كالآتي: "انت هتسيب الأوضة لأختك وهنعملك سرير برة تنام عليه في الصالة الصغيرة" .. وافقت ليس لأن الأمر أعجبني ولكن لأنه ليست هناك خيارات أخري .. أتت أمي بالنجار وجاء ليأخذ المقاسات وليتفق علي أجره:
-          بصي يا مدام احنا هنعمله قصير شوية عشان لو اتقلب ولا حاجة ووقع ع السيراميك ده هيتعور
-          لا اعمله انت بس زي ما قلتلك عليه ما تقلقش هو مش بيتقلب ومش هيقع
كرهت هذا النجار بشدة، فكان بالنسبة لي هو من يجهز لطردي خارج الغرفة التي عشت فيها سنوات عديدة ..غرفتي التي احتلتها أختي الصغري .. مكتب لونه أبيض وحوافه وردية اللون به ثلاثة أدراج وفوق المكتب مكتبة للقصص والكتب والمساطر والأقلام والوراق .. أتذكر أني كنت أذاكر علي المكتب، أي أنني كنت أكتب علي المكتب نفسه وكانت امي تنهرني بحجة توسيخه، ولكني كنت أحب أن أكتب عليه من حين لآخر .. واليوم الذي قررت فيه أن أرسم علي المكتب قررت أن أرسم فيلا ولكن عندما انتهيت من الرسمة اكتشتف أنه "حمار" وليس فيل.
أعرف أني فاشل في الرسم منذ زمن بعيد، لدرجة أن أمي أتت لي بمدرس خصوصي في الرسم وليس في الرياضيات ولا في العلوم مثلا (تخيلوا وصلت لدرجة ايه) فكلما حاولت أن أرسم أتلقي صدمة عنيفة، فعندما أحاول رسم بطة ينتهي الأمر بخنفسة وعندما احاول رسم حصان ينتهي بكلب بلدي .. توقفت عن الرسم نهائيا وقررت أني لن أقترب من الألوان مرة أخري .. رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه.
انتهي النجار من عمل السرير وتم تركيبه في الصالة الصغيرة ..نمت علي هذا السرير عدة سنوات رغم المعاناة التي كنت أعيش فيها، فالتليفزيون ملتصق بظهر السرير وأبي لا يغلقه طوال اليوم، بالاضافة إلي عدم الخصوصة التي كنت أعيش فيها، فكل أموري مباحة للجميع، لا أستطيع أن أختلي بنفسي ولو بضع دقائق .. بعد فترة طلبت من أمي عمل ستارة لتحجبني عن أعين بقية المنزل: "يا ماما والنبي عايز أحس إني قاعد في أوضتي مش في الشارع" ..استجابت أمي لمطلبي لأنها تعرف كم أعاني وكم تعني الخصوصية بالنسبة لي.
مرت عدة سنوات وانفصل أبي وأمي عن بعضهما البعض وعانيت كثيرا من الناحية النفسية حيث أن أبي اتهمني أني السبب ورا هذا الطلاق بالإضافة للمشاكل التي نشبت بيننا وطالت كثيرا. بعد الطلاق بشهرين عدت للمنزل فلم أجد سريري:
-          يا مامااااااااااااااااااااااااا فين السرير
-          عندي في الأوضة
-          بيعمل ايه عندك
-          منا بعت السرير بتاعي القديم وخدت ده أنام عليه
-          ما اعترضتش بس أنا هنام علي ايه L
-          هحطلك مرتبة مكان السرير تنام عليها
-          يعني عشان تمحي الذكريات تنميني ع الأرض
-          امشي ياد من هنا
انتهي الأمر بمرتبة علي الأرض .. تضايقت بعض الشيء ولكنني لم أعترض فالأمر قد تم وبالطبع لن أترك أمي لتنام علي الأرض ولم يكن غير أن أنام أنا علي المرتبة .. نمت علي المرتبة عدة أشهر لأعود في أحد الأيام مبتسما وسعيدا للغاية حيث أنني وجدت عملا جديدا بعد فترة من اللاعمل، وعندما أدخل المنزل أصرخ قائلا:
-          يا ماااااااااااااااااااااااا فين المرتبة :'(
-          لا منا شلتها
-          يا اما هو في حد كان بينيمك ع السلم وإنتِ صغيرة وبتطلعيه عليا، شلتيها ليه؟؟؟؟
-          كده هنجيب كنبتين جداد ومش هيبقي ليهم مكان فشلتها
-          طب وأما تشيليها أنام أنا فين
-          نام ع الكنبة عادي
أنام الآن علي الكنبة .. لا أعرف متي سأنام علي السجادة ولكنه أمر حتمي مع هذا التطور الطبيعي .. الكنبة هي كل ما أمتلك من حطام الدنيا .. آكل عليها وأجلس عليها وأنام عليها وأكتب قصائدي وقصصي عليها .. كنبتي العزيزة وربنا بحبك


هناك تعليقان (2):